في قلب العقبة، وعلى مشارف غابة السلام، يطلّ مرصد طيور العقبة كأحد أبرز الوجهات البيئية في الأردن، حيث يجتمع الجمال الطبيعي مع الأهمية العلمية والبيئية. إنه ليس مجرد موقع لمشاهدة الطيور، بل هو محطة حيوية على طريق الهجرة العالمي ومركز سياحي وتعليمي يجذب الزوار من مختلف أنحاء العالم.
لمحة عن التأسيس
تأسس المرصد عام 2004 بمبادرة من سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة وبالشراكة مع شركة مياه العقبة، وتولت الجمعية الملكية لحماية الطبيعة إدارته لاحقًا. جاء تأسيسه استجابةً لحاجة بيئية وسياحية ملحة، ليكون مرجعًا علميًا ومقصدًا للسياحة البيئية في آنٍ واحد.
الموقع الاستراتيجي
يقع المرصد في العقبة على مفترق طرق حيوي ضمن مسار الهجرة الدولي المعروف باسم أخدود البحر الأحمر (Rift Valley – Red Sea Flyway)، وهو ثاني أهم مسار عالمي لهجرة الطيور. تمر عبر هذا المسار ملايين الطيور سنويًا، لتجد في العقبة محطة استراحة طبيعية قبل مواصلة رحلتها بين آسيا وإفريقيا.
تنوع مذهل في الطيور
سجّل المرصد حتى اليوم أكثر من 270 نوعًا من الطيور، أي ما يزيد عن نصف الأنواع المعروفة في الأردن. وتشمل هذه الأنواع الطيور الجارحة، والطيور المائية، والطيور المغردة. ومن أبرز ما تم رصده أنواع نادرة مثل الأوز الغراء الصغير المصنف عالميًا كنوع مهدد بالانقراض.
خلال موسمي الربيع والخريف، يستقطب المرصد ما يفوق ربع مليون طائر، مما يجعله نقطة جذب لعشاق الطبيعة والباحثين والمصورين على حد سواء.
بيئة متكاملة بتقنيات مستدامة
المرصد ليس مجرد مساحة طبيعية، بل هو نموذج بيئي متكامل يعتمد على إعادة استخدام المياه المعالجة لإنشاء بحيرات ومسطحات مائية تجذب الطيور وتوفر لها الغذاء والملاذ. كما يحتوي على بيئات متنوعة (مائية، غابية، صحراوية) تحاكي الطبيعة وتزيد من فرص مشاهدة أنواع متعددة من الطيور.
السياحة البيئية والتعليم
لا يقتصر دور المرصد على رصد الطيور فحسب، بل يُعد وجهة سياحية وتعليمية مهمة. إذ يستقبل سنويًا آلاف الزوار من باحثين وسياح وطلبة مدارس وجامعات، ويتيح لهم فرصة التعرف على الطيور عن قرب باستخدام المناظير ومرافق مهيأة للتعليم والتوعية.
يمثل المرصد تجربة فريدة حيث يجتمع العلم والترفيه في مكان واحد، مما يرسخ قيم الحفاظ على البيئة لدى الأجيال القادمة.
متى تزور المرصد؟
أفضل أوقات زيارة المرصد هي الربيع والخريف، حيث تكون حركة الطيور المهاجرة في ذروتها. يقع المرصد في غابة السلام بالقرب من معبر جنوب وادي عربة، ويمتد على مساحة تقارب نصف كيلومتر مربع، ما يجعله موقعًا يسهل الوصول إليه لقضاء تجربة طبيعية مميزة.
إن مرصد طيور العقبة ليس مجرد محطة طبيعية، بل هو شاهد على الدور الريادي للأردن في حماية الحياة البرية وتعزيز السياحة البيئية. هنا، بين أجنحة الطيور المهاجرة وأصوات الطبيعة، يجد الزائر لحظة سلام ودهشة لا تُنسى، ليبقى المرصد نقطة التقاء بين التنوع البيئي، السياحة، والتعليم.
View this post on Instagram